المواجهة الجنائية الناشئة عن إستخدام تقنية التزييف العميق

 بقلم: د.سحر فؤاد مجيد


المقدمة Introduction

لقد بات لزاما على القانون الجنائي أن يُواكب ما يستجد من سلوكيات تعد خطرًا على المصالح الجديرة بالحماية في الوقت الحاضر في ظل التسارع التكنولوجي وما ينتج عنه من تقنيات حديثة التي قد يستغلها المجرمون في جرائمهم على الرغم من أهمية هذه التقنيات للجنس البشري. تمثل تقنية التزييف العميق Deepfake أحدى التقنيات الحديثة الأكثر تطورا في المجال التكنولوجي التي تستخدم الذكاء الإصطناعي وما له من خطورة في عالم التلاعب بالوسائط المتعددة، فتعتمد على تقنيات صناعة المقاطع الصوتية أو الفيديويه للشخصيات العامة أو غيرها، وذلك بالاعتماد على التعلم الآلي والعميق الذي يُمثل أحدى ميزات الذكاء الإصطناعي. ونتيجة للتطور الذي يتمتع به الذكاء الإصطناعي وقدرته على محاكاة العنصر البشري أدى إلى استخدامه بصورة غير سليمة فنجم عنه عمليات التزييف العميق وما يترتب عنها قلة أو إنعدام ثقة الجمهور بالمحتويات المسموعة أو المرئية وما ينجم عنها من جرائم كالتشهير والإساءة للغير وإنتهاك الحق في الخصوصية والتضليل والمحتوى الزائف وغيرها.

أهمية البحث : Research Objective يعد موضوع ، " المواجهة الجنائية للجرائم الناشئة عن استخدام تقنية التزييف العميق من المواضيع الحديثة ومن الظواهر الإجرامية المستحدثة في مجال العلم الجنائي، ومثار نقاش فقهي وقانوني، ذلك لأن التطور المخيف في تكنولوجيا الإتصالات والذكاء الإصطناعي قد أحدث ثورة في مختلف الأصعدة، وكان له تداعيات إقتصادية - إجتماعية - جيوسياسية، وأنتقل الذكاء الإصطناعي من المفهوم الضيق ذو البعد الواحد القدرة على القيام بمهام فردية كالتعرف على الوجه والترجمة مثلا) إلى المفهوم العام متعدد المهام (القيام بمهام معقدة بطريقة تحاكي الأدمغة البشرية، كما أن تطبيقات وتقنيات الذكاء الإصطناعي ومنها التزييف العميق ستكون مستقبلا رافدًا لارتكاب مختلف الجرائم، كما ستكون سلاحًا خطيرا وقليل الكلفة في الحروب الحديثة " الحروب السيبرانية".

مشكلة البحث : Research Problem تتجسد أشكالية البحث في مدى كفاية النصوص القانونية للدول بصورتيها التقليدية والمستجدة في مواجهة الجرائم الناجمة عن التزييف العميق للحد من هذه الجرائم التي تستخدام الذكاء الإصطناعي والتي تسبب اضرارا جسيمة بالدولة - المؤسسات الأفراد، فضلا عن بيان مفهوم التزييف العميق ومخاطره على المصالح المحمية قانونا.

الهدف من الدراسة: aim of the study الإسهام في إثراء البحث العلمي القانوني بدراسة حديثة تبين مقدار الخطورة التي يشكلها  التزييف العميق الذي يستخدام الذكاء

الإصطناعي من أجل نشر معلومات مضللة عن الغير أو أنه أداة متكررة لإرتكاب عمليات الإحتيال المالية وخداع الأفراد والشركات للحصول على أموال وغيرها من الأهداف أن هذا الموضوع لم يحض بإهتمام الباحثين في مجال القانون الجنائي، وقلة الدراسات التي تناولت الموضوع، فضلا عن بيان موقف الدول الغربية التي تعد متقدمة تشريعيا عن الدول العربية في مواجهة الجرائم التي تستخدم هذه التقنية. منهجية البحث: Research Methods سيتبنى هذا البحث المنهج التحليلي والإستقرائي للنصوص القانونية ذات الصلة بالموضوع، والمنهج الوصفي الذي يعتمد على جمع المعلومات والحقائق من مختلف المصادر التي تتعلق بتقنية التزييف العميق وسيكون نطاق البحث محصورا في تشريعات الدول الغربية فقط.

ولغرض احتواء أشكالية البحث المطروحة، ارتأينا تقسيمه على مبحثين وعلى النحو الآتي:

المبحث الأول: ماهية تقنية التزييف العميق والمبحث الثاني: مدى كفاية الأطر القانونية والتقنية في مواجهة جرائم تقنية التزييف العميق

ملخص abstract

تتطور الجرائم الإلكترونية بسرعة مع تقدم التكنولوجيا وبلوغها أبعادًا جديدة بطريقة تطمس الخطوط الفاصلة بين ما هو حقيقي وما هو مُحاكى. أصبحت تقنية التزييف العميق Deepfake جزءًا من الجرائم الإلكترونية. تتميز تقنية التزييف العميق Deepfake بأن لها ميزات مماثلة لتقنية CGI ( Computer Generated Images) في نطاق صناعة السينما، مما يجعل من الممكن إنشاء مقاطع فيديو أو صور باستخدام أذرع الذكاء الإصطناعي وبطريقة واقعية للغاية يصعب على البشر التعرف عليها على أنها مزيفة. وهذا يفرض مخاطر جسيمة، مع عواقب محتملة تتراوح من ممارسات إنتخابية غير عادلة إلى إستخدام أدلة مزورة في المحكمة. لقد ظهرت هذه التقنية لأول مرة في عام 2017 في منصة التواصل الإجتماعي التي تسمى Reddit . وعلى الرغم من أن هذه التقنية لها العديد من الإستخدامات المشروعة، إلا أن إستخدامتها غير المشروعة أكثر بروزًا، مما نتج عنها المساس بالمصالح المحمية قانونًا. لذا يؤدي ظهور هذه التقنية التفكّير بشكلً جديً حول الإنتهاكات الخطيرة للمصالح المحمية قانونًا. لذا يتحتم على المُشرع الجزائي إعادة تكييف القواعد القانونية ذات المدلول الواقعي – المادي، من أجل التعامل مع واقع إفتراضي غير ملموس ومحاولته تجريم السلوكيات الناجمة عن هذه التقنية. فضلًا عن الإهتمام بسياستي المنع والوقاية من الجرائم التي تنشأ عن التزييف العميق

أحدث أقدم