القانون الدولي الانساني
يعرف القانون الدولي بانه مجموعة القواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين اشخاص القانون الدولي وتحدد حقوق والتزامات كل منها. تفرع عن هذا القانون مجموعة من القوانين الاخرى، مثل القانون الدولي لحقوق الانسان، القانون الدولي للبيئة، القانون الدولي الانساني... ولكل من هذه القوانين مجموعة من الاتفاقيات المنظمة لموضوعه، في هذه المقالة سنتناول بالشرح -الموجز غير المخل- القانون الدولي الانساني، فما هو هذا القانون؟
التعريف:
اختلف الفقه كعادته في تعريف القانون الدولي الانساني، فقسم منهم عرفه بالمعنى الواسع واخر عرفه بالمعنى الضيق -اي ان جانب حاول التوسيع من المفهوم ووضع عبارات فضفاضة وبالتالي سيتم تطبيقه في حالات واسعة ومختلفة، بينما جانب اخر ضيق من مفهومه اي وضع عبارات محددة لتعريف القانون وقصره على حالات معينة-، يعرف القانون الدولي الانساني بالمعنى الواسع: بأنه مجموعة القواعد القانونية الدولية المكتوبة او العرفية التي تكفل احترام الفرد ورفاهيته. وبهذا التعريف فان القانون الدولي الانساني سيتم تطبيقه في وقت الحرب والسلم ويشمل جميع الاتفاقيات التي تنظم احوال الانسان، مثل العهدان الدوليان لسنة 1966، ويشمل كذلك يشمل القانون المطبق في الحرب مثل اتفاقيات لاهاي لسنة 1899 و1907.
بينما يعرف بالمعنى الضيق: بأنه مجموعة القواعد الدولية المستمدة من الاتفاقيات او الاعراف الرامية على وجه التحديد الى حل المشكلات الانسانية الناشئة بصورة مباشرة من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والتي تقيد لاسباب انسانية حق الاطراف النزاع في استخدام طرق واساليب التي تروق ها او تحمي الاعيان والاشخاص الذين تضرروا او قد يتضررون بسبب النزاعات المسلحة. من خلال هذه التعريف نلاحظ انه حدد تطبيق القانون الدولي الانساني فقط في وقت الحرب فلا يشمل وقت السلم، وكذلك يشمل الاتفاقيات التي تنظم الاحوال في الحرب، مثل اتفاقيات لاهاي لسنة 1899و 1907،اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكولين الملحقين بهم لعام 1977، واي اتفاقية اخرى تنظم النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
لهذا القانون تسميات عديدة، مثل قانون الحرب على اعتبار انه ينظم حالات الحرب، كذلك سمي بقانون النزاعات المسلحة لانه ينظم الاوضاع في حالات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، وسمي بالقانون الدولي الانساني لانه ينظم حقوق الانسان في وقت الزاعات المسلحة -دولية او غير دولية- وتم اعتماد التسمية الاخيرة لاسباغ الصفة الانسانية على الحرب، والتاكيد على ان للانسان حق حتى في وقت النزاع المسلح، لان نشوب الحرب لا يعني التجرد من الانسانية وفقدان الحقوق.
خصائصه:
- القانون الدولي الانساني هو فرع من فروع القانون الدولي العام.
- ولانه فرع من فروع القانون الدولي العام، فان له نفس المصادر، وهي الاتفاقيات الدولية، العرف الدولي، مبادئ القانون الدولي، احكام المحاكم واراء الفقهاء ومبادئ العدل والانصاف.
- يقوم هذا القانون بالدرجة الاساس على حماية حقوق الانسان وقت النزاعات المسلحة دولية كانت ام غير دولية، مع ملاحظة وجود تقييد في حالة النزاعات المسلحة غير الدولية، بسبب عدم تفصيل هذا القانون لحالات النزاعات المسلحة غير الدولية ووجود مبدأ السيادة.
- قواعد القانون تتنوع بين قواعد امرة ومقيدة وقواعد تقترح تصرفا معينا من الاطراف المتحاربة دون الزام.
- بمجرد وقوع النزاع المسلح يتم تطبيق القانون الدولي الانساني، بمعنى ان هذا القانون موجود قبل وقوع النزاع المسلح، الا ان فاعليته تتحقق بمجرد وقوع النزاع.
النشأة:
على الرغم من وجود جذور للقانون الدولي الانساني في العديد من الحضارات القديمة والاديان السماوية، الا ان البداية الحقيقية له كانت في القرن الخامس عشر حيث ظهرت العديد من العوامل التي مهدت الى ظهوره، ففي القرن الخامس عشر ساهمت قواعد الفروسية -اي ان يتحلى المقاتل بصفة الفارس فلا يقتل الجرحى او المرضى او يعامل الاسرى معاملة غير انسانية- في نشأة القانون الدولي الانساني، وفي القرن السادس عشر ابرمت اتفاقيات حربية بين الدول الاوربية بسبب انتشار الحروب، وفي القرن السابع عشر ظهرت قواعد القانون الدولي عام 1648، حيث فرض المتحاربون على نفسهم قيود تتمثل بالتصرف كتصرفات الفارس النبيل، وفي القرن الثامن عشر ظهرت افكار مجموعة من الفلاسفة مثل جان جاك روسو ومونتسيكيو، الذين نادوا بضرورة تقييد اساليب القتال، واحترام حق الانسان حتى في الحرب، اما في القرن التاسع عشر، فكان لكل من هنري دونان وليبر ومارتنز الاثر الكبير في تطور القانون الدولي الانساني.
ففيما يتعلق بهنري دونان واسهامه في تطوير القانون، عند اندلاع حرب الوحدة الايطالية عام 1859 وصل الى قرية منطقة تسمى كستليوني قرب مدينة سولفرينو الايطالية، وصادف وجوده وجود اكثر من تسعة الاف جريح، وكافح كل الموجودين في المدينة لمساعدة الجرحى، وبسبب وقوفه على هذه المأساة كتب عنها في مذكراته، وقال في خاتمة الكتاب اليس من الممكن وجوج جمعية تساعد الجرحى في اوقات الحرب؟ وبسبب هذا التساؤل تم انشاء منظمة الصليب الاحمر، وهي موجودة الى وقتنا هذا.
اما ليبر، وهو استاذ قانون في جامعة كولومبيا، حاول تقنين قوانين الحرب واعد مسودة لهذا الغرض بمساعدة عسكريين اميركين، وتم تصديق هذا القانون من قبل الرئيس الاميركي ابراهام لينكولن، وعلى الرغم من كون هذا القانون وثيقة داخلية، الا انه كان له اثر دولي على جميع المعاهدات المنظمة للحرب.
ومارتنز، وهو فقيه روسي تم تكليفه من قبل قيصر روسيا بوضع قواعد منظمة للحرب، وكان لهذه القواعد الاثر الكبير على المجتمع الدولي على الرغم من كونها وطنية، حيث شكلت الحجر الاساس لاتفاقية لاهاي 1899.
وفي الخاتمة نستطيع القول، ان التعريف بالمعنى الضيق هو الذي تم اعتماده من قبل اللجنة الدولية للصليب الاحمر، وان القانون الدولي الانساني يطبق في حالات النزاعات المسلحة -دولية كانت ام غير دولية- ولهذا القانون جذور في الحضارات القديمة والديانات، الا ان بدايته كانت في القرن الخامس العشر.