كثيراً ما يذكر هذان المصطلحين عند الكلام عن
مسؤولية الحائز عن الشيء الموضوع في حيازته ،اذ إن يد الأمانة و الضمان متعلقة
بالحيازة وبالأخص الحيازة العارضة ويقصد بهذه الأخيرة حيازة غير المالك أي الحيازة
التي تنشأ اما بشكل مشروع كما هو الحال في عقد الوديعة أو العارية وإلى آخره من
العقود التي تسمى عادة بعقود الأمانة واما ان تنشأ هذه الحيازة بطرق غير مشروعة
كما في حيازة السارق. ومن
الطبيعي أن تختلف مسؤولية الحائز في حالات الحيازة المشروعة عن الحالات الغير
مشروعة، إذ تكون مسؤولية الأخير أشد. وهنا تظهر أهمية نظرية يد الأمانة ويد الضمان التي تعود جذورها إلى
الفقه الإسلامي حيث كان الفقهاء المسلمون يميزون بين ما إذا كانت يد الشخص على
الشيء يد أمانة أو ضمان لتحديد مسؤوليته عند الهلاك .وقد تبنا المشرع العراقي هذه النظرية من الفقه الإسلامي. ولتعرف على هذه النظرية بشكل أوسع
سنتطرق للفقرات الآتية:-
•
مفهوم النظرية.
•
معايير التميز بين يدي الأمانة والضمان.
• مدى إمكانية تحول اليد من أمانة إلى ضمان.
•
الآثار المترتبة على كل من يد الأمانة ويد الضمان.
أولاً :-مفهوم نظرية يد الأمانة ويد الضمان
هي نظرية بموجبها يتم تحديد مسؤولية الحائز
عن تلف أو هلاك الشيء الموجود تحت حيازته.
وتتحدد تلك المسؤولية تبعاً للأساس القانوني الذي يستند
عليه الحائز في حيازته. حيث تكون
تلك المسؤولية مخففة ف حالات الحيازة المستندة إلى سبب مشروع كما هو الحال بالنسبة
للحائز بموجب أحد عقود الأمانة كالوديعة والعارية حيث يكون الحائز هنا أمين على
الشيء والأمين بحسب نص المادة (950) الفقرة (2) من القانون المدني العراقي لا يضمن سوى
الهلاك الناجم عن تعدٍ أو تقصير منه. بينما تكون المسؤولية مشددة عندما تستند الحيازة لسبب غير شرعي كما في
حالة الغصب فهنا يكون الشخص ضامناً للشيء حتى وإن كان تلفه أو هلاكه دون تعدٍ منه
وهذا ما أكده المشرع العراقي عند الحديث عن مسؤولية الغاصب ففي المادة(193) من القانون المدني العراقي نجد ان المشرع جعل الغاصب ضامنً لاستهلاك
المال أو ضياعه أو تلفه سواء بتعدي منه أو بدون تعدي.
ونسمي الحيازة الأولى المستندة لسبب شرعي بيد الأمانة
بينما تسمى الحيازة الثانية أي الحيازة الغير مشروعة بيد الضمان وذلك نسبة
لمسؤولية المترتبة على كل منهما.
ثانياً:-
معايير التميز بين يدي الأمانة والضمان
قد يتسائل البعض عن كيفية التمييز بين ما إذا
كانت يد الحائز على الشيء يد أمانة أو يد ضمان، لذا وضع الفقه العديد من المعايير
التي من شأنها يمكن التفريق بين ما يعد يد أمانة او يد ضمان ومن هذه المعايير ما
يلي:
أ-الأذن من مالك الشيء
يقوم هذا المعيار على فكرة الأذن فإن كان
الحائز ماذون في حيازته من قبل المالك تكون يده على شيء يد امانة أما إذا كان غير
ماذون من قبل المالك فتكون يده يد ضمان.
ب-معيار السبب المشروع
يستند هذا المعيار لمدى مشروعية السبب المنشأ
للحيازة فإذا كان ذلك السبب مشروعاً كانت اليد يد أمانة أما إذا كان غير مشروعاً
كانت اليد يد ضمان.
ج-نية وقصد الحائز
إن
توجه نية الحائز الى تملك الشيء الموضوع في حيازته على سبيل الأمانة يجعل من يده
يد ضمان، أما إذا كانت نيته مقتصرة على المحافظة دون التملك فتكون يده يد أمانة..
د-المركز القانوني للحائز
إذا كان الحائز في مركز قانوني سليم ومشروع
كانت يده يد أمانة أما إذا كان في مركز قانوني غير مشروع كانت يده على شيء يد ضمان.
إن هذه المعايير تكاد تكون واحدة من حيث
المضمون لذا نرى إمكانية جمعها في مصطلح واحد وهو وجود سند قانوني فإذا كانت الحيازة
مستندة لسند قانوني كانت اليد يد أمانة وبخلافه تكون ضمان.
ثالثاً:-
مدى إمكانية تحول يد الأمانة إلى يد ضمان
يمكن أن تتحول يد الحائز على الشيء من
الأمانة إلى الضمان وذلك في الحالات الآتية
أ-عدم رد الشيء رغم أعذار الحائز
إذا وضع شخص لدى الحائز عين معينة على سبيل
الوديعة ثم طلب رد الوديعة واعذره بذلك ولم يقوم ذلك الحائز بالرد فتتحول يده من
يد أمانة إلى يد الضمان على أساس الحيازة الغير مشروعة.
ب-تصرف الحائز بالشيء تصرف المالك
إذا اعطى شخص شيئا ما لشخص آخر على سبيل
الإعارة وقام هذا الأخير بالتصرف بها دون وجه حق فيكون ضامنا لذلك الشيء كونه لم
يكن ماذون بالتصرف به.
ج-إذا خالف الحائز تعليمات المالك
إذا اشترط المالك على الحائز عدم استخدام
الشيء المحوس لمصلحته ،ومع ذلك قام هو باستخدامه ، فذلك الاستخدام الغير مشروع
سيؤدي إلى تحول يده على الشيء من امانة إلى ضمان.
د-إنكار الحائز لحيازة الشيء
ان انكار الحائز وجود الشيء في حيازته على
الرغم من تسلمه له تسليماً صحيحاً يؤدي إلى تحول يده من أمانة إلى ضمان .
رابعاً:-
الآثار المترتبة على كل من يد الأمانة ويد الضمان
إن الأثر الأساسي على اعتبار يد الحائز على
الشيء يد أمانة يتمثل في كون هذا الأخير غير ضامن لتلف أو هلاك الشيء الموضوع تحت
حيازته إلا إذا كان ذلك التلف او الهلاك راجع لتقصير أو تعدي منه ،كما لو وضع شخص
سيارته لدى شخص آخر على سبيل الوديعة ،فإن الشخص المودع عنده يعد اميناً على تلك
السيارة بحيث لا يضمن هلاكها أو تلفها إلا
إذا كان ذلك الهلاك راجع لتقصير منه كما لو قام هو بإتلافها بنفسه أو لم يبذل
العناية اللازمة للمحافظة عليها من ما أدى إلى هلاكها .أما إذا كان الهلاك راجع لسبب أجنبي كقوة قاهرة مثلاً (كوارث طبيعية) فلا يضمن ذلك الهلاك ويكون الهلاك على
المالك.
أما الأثر المترتب على كون يد الحائز على
الشيء يد ضمان كما لو كان غاصباً لذلك الشيء ،يتمثل في اعتبار ذلك الحائز ضامن
للتلف أو الهلاك أيً كان سببه سواء أكان بتقصير أو تعدي منه أو كام ناتجاً عن سبب
أجنبي كما لو تسبب شخص من الغير بهلاك ذلك الشيء.
وعليه يتّضح لنا أنّ التمييز بين يد الأمانة
ويد الضمان يمثل حجر أساس في تحديد المسؤولية القانونية للحائز عن الشيء المحوز،
خصوصًا عند حدوث الهلاك أو التلف. وتُبرز هذه النظرية العلاقة بين الحيازة والمشروعية، فكلما ابتعد الحائز
عن السند القانوني لحيازته، ازدادت مسؤوليته وشُدد عليه الضمان. كما أن إمكانية تحول اليد يبين
مدى مرونة النظرية بحيث تتكيف مع سلوك الحائز حتى بعد نشوء العلاقة القانونية. مما يجعل من هذه النظرية إحدى
النظريات الأساسية في نطاق المسؤولية المدنية.