ما هي الأهلية، وما انواعها؟

 بقلم: نور الهدى فراس


الاهلية بشكل عام، هي مقدرة الإنسان على تنظيم حياته ومعاملاته المتعلقة بالحقوق والواجبات الممنوحة له.

وتنقسم الأهلية الى نوعان:

أهليه وجوب واهلية أداء.

أهلية الوجوب تعني صلاحية الانسان لاكتساب الحقوق والواجبات التي تعطى او تفرض عليه.

أما أهلية الأداء فهي قدرة الإنسان لممارسة حقوقه والتزاماته على نحو مؤثر قانونا وأهلية الانسان مرتبطة بتميزه، متى ما اكتملت اكتمل تمييزه، ومتى ما نقصت نقص تميزه، والتمييز بذاته مرتبط بالسن.

أهلية الوجوب تثبت للشخص من لحظة كونه جنين في بطن أمه، أي تكون لصيقة بالشخص حت مماته، أما أهلية الأداء فهي ليست كأهلية الوجوب أي لا تثبت للشخص منذ بداية تكونه، بل تصبح كاملة بتمام الشخص سن 18 سنة كاملة.

أهلية الوجوب تقسم الى أهلية وجوب كاملة واهلية وجوب مقيدة.

أهليه الوجوب الكاملة وهي الأصل في الاهلية، هي صلاحية الشخص بان يكتسب جميع الحقوق بدون تقيد عليه.

اما أهلية الوجوب المقيدة، وهي الاهلية التي لا تتعلق بسن الشخص نفسه بل تتعلق بحالات حددها المشرع بمجموعة من الأشخاص الذين تكون اهليتهم مقيدة لمصلحة معينة في المجتمع. 

لكي يتضح ما تقدم نضرب مجموعة من الأمثلة البسيطة..

الاهلية بشكل عام، مثالها عندما يقوم الشخص بإبرام تصرف ما او بيع شيء معين او القيام بتصرف او عمل مادي مؤثر في حياته ومعاملاته.

أهلية الوجوب ومن ضمنها أهلية الوجوب الكاملة (لأنها الأصل) مثالها صلاحية الانسان لاكتساب الحقوق بشكل كامل، والتي لا تتوقف على قبوله او إرادته، مثل الوصية التي توصى له او الإرث او الهبة وكذلك يتحمل الالتزامات أيضا التي لم تنشئ عن إرادته، مثل الضرر الذي يحدثه نتيجة الفعل غير المشروع، لأننا قلنا ان التصرفات او العمل الذي يحدث اثرا قانونيا (تتوقف على إرادة الشخص) تكون اهليته أهلية أداء.

اهليه الوجوب المقيدة مثالها اهلية القاضي بشراء الأموال المتنازع عليها الذي يكون هو القاضي، فيها ومثالها أيضا عندما لا يجيز المشرع تمتع الأجانب بالحقوق السياسية الممنوحة للمواطنين، ومثالها أيضا تقييد الأجانب في تملك العقار في الدولة الأجنبية عن دولهم، فهذه الأهلية في موجودة لكنها قيدت لمصالح عليا مثل مصلحة الأطراف المتنازعة في المثال الأول ومصلحة الدولة والمواطنين في المثال الثاني.

أهلية الأداء مثالها عندما يقوم الانسان بممارسة حقوقه المدنية والتجارية والمالية والشخصية على نحو مؤثر قانونا بمعنى (بمفرده دون ولي او وصي او قيم) وبإرادته هو كالعقد والوعد بجائزة (الإرادة المنفردة) وهي تتعلق بالسن الا وهو (18) وقبل هذا السن لا يجوز ممارسة أي تصرف دون الولي او الوصي (أهلية وجوب)

هناك قسم اخر من الاهلية وهي بالغة الأهمية وهي تعد جزء من الأهلية أعلاه الا وهي:

أهلية التقاضي وأهلية مباشرة التقاضي، والتفرقة بين الاثنين مهمة جدا، فالقسم الأول (اهليه التقاضي) وهي تعني صلاحية الشخص لمباشرة إجراءات التقاضي من ترافع وكتابه عرائض، ودفوع وافادة، وتقديم ادلة، وغيرها عندما يطلب حقه امام القضاء اما أهلية مباشرة التقاضي، فمعناها أحقية هذا الشخص في رفع الدعوى امام القاضي للمطالبة بحقوقه بمعنى اخر هذا الشخص لديه حق معترف به قانونا لكنه لا يستطيع مباشرته بنفسه.

 مثال لتوضيح الصورة:

شخص عمره (14) سنة قام (بواسطة وليه) ببيع قطعة من المجوهرات الى شخص اخر ثم لم يقم الاخر بدفع الثمن للأول فعندما يريد صاحب المجوهرات المطالبة بحقة من القضاء لكي يطالب بالثمن سوف لن يستطيع مباشرة هذا الحق الا بواسطة وليه، لصغر سنه فهذه اهلية الوجوب (أهلية مباشرة التقاضي).

ماهي موانع وعوارض الأهلية؟ وما الفرق بينهما؟

عوارض الأهلية تنقسم إلى أربعة أنواع: الجنون، العته، السفيه، ذو الغفلة.

الجنون: هو انعدام العقل والتمييز وذهاب الإدراك ويكون اما مطبق فيكون حكمه حكم الصغير غير المميز أي تكون جميع تصرفاته باطلة، لان جنونه يكون مستمر ولا يفيق، اما الجنون غير المطبق فيحدث عندما تحصل لدى الشخص حالات افاقة وجنون فتكون في الحالة الأولى تصرفاته صحيحة ويعتد بها اما الثانية فتكون باطلة، والمجنون محجور لذاته دون اصدار حكم قضائي عليه.

العته: هو ضعف الإدراك العقلي وسوء تدبير الأمور التي تجعل تصرفات الشخص بحكم الصغير المميز وهو أيضا محجور لذاته.

السفيه: السفه هو خفة العقل والسذاجة، ويطلق على الذي يقوم بتبذير أمواله دون عقلانية ومنطقية دون مصلحته، وحكمه حكم الصبي المميز ولكن الفرق بين هذه الحالة وغيرها هو لزوم اصدار حكم قضائي بحجره والمحكمة هي تكون وصية عليه او تعين شخص اخر.

ذو الغفلة: هو السذاجة والغبن في المعاملات وعدم الفطنة في التصرفات الذي تجعله لا يميز بين التصرف الرابح والخاسر، وحكمه حكم السفيه بوجوب حكم محكمة لحجره.

أما موانع الأهلية فهي ثلاث الغيبة، والحكم بجناية، والعاهة المزدوجة.

الغيبة: تختلف احكام الغيبة بحسب نوع الغيبة الشخص، فأما ان يكون الشخص مفقود وأما ان يكون غائب، فالأول هو الذي تنقطع اخباره ولا تعرف حياته من مماته، وتنتهي بانتهاء سببها كالموت ، او بصدور حكم من المحكمة، أما الغائب هو الذي تسبب غيبتهٌ تضارب مصالحه او الغير لكن لا يترتب على ذلك انقطاع اخباره، وتختلف المدة التي يعتبر خلالها الشخص غائب أو مفقود باختلاف التشريعات.

الحكم بجناية: الحكم بجناية يستبع معه منع المحكوم عليه من ممارسة التصرفات المالية وادارتها، وتقوم المحكمة حينها بتنصيب قيم على الشخص لإدارة أمواله الى حين انتهاء الحكم.

العاهة المزدوجة: هو اجتماع أكثر من عاهة في الشخص بطريقة تمنعه من التعبير عن إرادته، والمانع في هذا النوع يجب ان تجتمع فيه اكثر من عاهة، لأن الشخص هنا كامل الأهلية لكنه لا يستطيع مباشرة التصرفات.

ما الفرق بين الموانع والعوارض؟

الموانع لا تتعلق بأهلية الشخص ومدى إدراكه وقدرته العقلية على ممارسة الحقوق والالتزامات، بل الشخص هو كامل الأهلية لكنه لا يستطيع مباشرتها لهذه الالتزامات بنفسه، بالإضافة الى ذلك ففي الموانع تقيم المحكمة على المحكوم عليه قيم لإدارة هذه الأموال، أما العوارض فهي تتعلق بالقدرة الإدراكية العقلية للشخص، فالشخص غير كامل الأهلية بالأصل، وتقوم المحكمة بتنصيب ولي او وصي على الشخص محل العارض.

لكن ما أهمية معرفة الاهلية؟ وما هو مغزاها العملي؟

تظهر أهمية الاهلية في كثير من المواضيع الخاصة بالإنسان لمعرفة نوع التصرفات التي يستطيع القيام بها.

فالتصرفات القانونية تقسم الى ثلاثة أنواع:

تصرفات نافعة نفعا محضاً.

تصرفات ضارة ضررا محضاً.

تصرفات دائرة بين النفع والضرر.

فالتصرفات الأولى يستطيع مباشرتها ناقصي وكاملي الأهلية وتكون تصرفاتهم نافذة وصحيحة، مثل قبول الوصية والهبة والتصرفات التي تزيد من حقوق الشخص في ذمته المالية.

اما التصرفات الضار ضررا محضا فهي التصرفات التي لا يجوز ممارستها من قبل ناقصي الأهلية وتكون تصرفاتهم باطلة ولا ترتب اثرا، مثل إعطاء الهبة او الإيصاء بوصية او بيع شيء متعلق بالذمة المالية والذي ينقص حقوق الشخص على حساب التزاماته.

التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، هي التصرفات التي يجوز ممارستها من قبل ناقصي الأهلية لكنها تكون موقوفة على إجازة وليهم فاذا اجازوها صحت والا فتبطل ويجوز كذلك ممارستها من قبل كاملي الاهلية مثل الاجارة او القسمة في المال الشائع

المصادر والمراجع:

مصادر الالتزام في القانون المدني، عبد المجيد الحكيم وآخرون-ص 100 الى 134

الأهلية وتأثيرها بالسن في القانون المدني العراقي، دراسة مقارنة بالقانون الكويتي

 والجزائري الحسن المجتبى محمد عباس- كلية الأمام الكاظم (ع) للعلوم الإسلامية الجامعة_ ص2-5.

أحدث أقدم