انواع الدول

بقلم: رانيا احسان

 كثيراً ما نسمع ان هذه الدولة بسيطة وتلك اتحادية واخرى كاملة السيادة او غير كاملة السيادة، مالقصود بهذه العبارات؟ وما الفرق  بينهم؟

ان الدول تقسم بحسب شكلها -اي بحسب الطريقة التي تنظم بها السلطات داخل الدولة- الى دول بسيطة ومركبة، وتقسم بحسب سيادتها الى دول تامة السيادة واخرى ناقصة السيادة، ما يعنينا هنا هو النوع الاول لانه يدخل في نطاق القانون العام، كون ان شكل الدولة بسيط او مركب يؤثر على توزيع السلطات داخلها، ويحدد العلاقة بين السلطات العامة، وان الدولة ككيان تخضع للقانون العام لانها ليست فرداً نخضعه للقانون الخاص، فهذه مواضيع جميعها تدخل في القانون العام وتحديداً القانون الدستوري، اما الثاني فيدخل في نطاق القانون الدولي، كون ان الدول تامة السيادة او ناقصة السيادة هي مواضيع يختص بها القانون الدولي، لان القانون الدولي هو الذي يحدد الشروط الواجب توافرها في الدولة وهل ان السيادة منها ام لا، بالاضافة الى ان التزامات الدولة وحقوقها تتحدد وفقاً لكونها تامة السيادة ام ناقصة، كما ان السيادة هي مفهوم دولي بالاساس.

تقسيم الدولة بحسب شكلها:

اولاً) الدولة البسيطة: هي تلك الدولة التي ينفرد بادارة شؤونها الداخلية والخارجية سلطة واحدة، فلها حكومة موحدة ودستور موحد وقوانين واحدة في كل ارجاء الدولة والسيادة فيها تخضع لسلطة واحدة.

ان اغلب دول العالم تعد بسيطة، مثال على ذلك، تونس ، لبنان، مصر، مغرب، فرنسا، ايطاليا، تركيا، اما بالنسبة الى العراق، سابقاً كان يعد دولة بسيطة مثل بقية الدول، الا انه بعد صدور دستور 2005 النافذ اصبح دولة اتحادية.

مميزات الدولة البسيطة:

1- سلطة موحدة: ان القول بوجود سلطة موحدة في الدولة البسيطة ليس معناه وجود سلطة واحدة تتولى عملية التشريع والتنفسذ والقضاء، لكن القصد وجود احادية للسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، بمعنى ادق ان على مستوى الدولة ككل يوجد سلطة تشريعية واحدة تتولى عملية سن القوانين، وسلطة تنفيذية واحدة تتولى تنفيذها، وسلطة قضائية واحدة تتولى الفصل في المنازعات، اي لا يوجد ازدواج للسلطات.

2- احادية الدستور: معنى ذلك يوجد دستور واحد، يحدد القواعد العامة التي ينبغي على السلطة مراعاتها عند سن القوانين.

3- احادية القوانين: معنى ذلك ان القوانين التي تسنها السلطة التشريعية تحكم الدولة ككل، ولا تحكم جزء معين منها.

4- اللامركزية الادارية: والمقصود به توزيع الاختصاصات الادارية للدولة على هيئات تتولى العملية الادارية، ان الدولة البسيطة التي تتميز ببساطة تركيبها من الممكن ان تأخذ بنظام اللامركزية الادارية، لان بساطة التركيب لا يعني بالضرورة بساطة العملية الادارية.

5- الانتخابات: تكون الانتخابات واحدة على مستوى الدولة لانه يوجد برلمان واحد.

 

ثانياً) الدولة المركبة: وهي على العكس من الدولة البسيطة، يظهر هذا النوع من الدول عند اتحاد دولتين او اكثر مع بعضهم البعض مكونين دولة جديدة، توجد عدة انواع لهذه الاتحادات مثل الاتحاد الشخصي، الاتحاد الحقيقي، الاتحاد الفدرالي، الاتحاد الكونفدرالي. وقبل شرح انواع الاتحادات لابد من ذكر مميزات الدولة المركبة:

1- ازدواجية السلطة: معنى ذلك انه توجد سلطات على مستوى الاتحاد وعلى مستوى الدول المكونة له تتولى عملية التشريع والتنفيذ والقضاء.

2- ثائية الدستور: اي بمعنى يوجد دستور على مستوى الاتحاد ودستور للدول المكونة له.

3- ثنائية القوانين: اي انه من الممكن ان توجد قوانين على مستوى الاتحاد تلتزم بها جميع الدول المكونة، وكذلك توجد قوانين على مستوى الدول المكونة للاتحاد فلا تطبق هذه القوانين الا على هذه الدولة التي شرعته.

4- الانتخابات: تكون الانتخابات فيها مزدوجة، فتحصل انتخابات على مستوى الدولة واخرى على مستوى الاتحاد.

انواع الاتحادات النتاجة عن اتحاد دولتين او اكثر:

1- الاتحاد الشخصي: هذا النوع من الاتحادات يحصل نتيجة ايلولة عرش دولتين او اكثر الى شخص واحد يقوم بحكمهم، هذا النوع من الاتحادات يركز على شخصية رئيس الدولة اي بمجرد اختلاف الرأي حولها يؤدي الى انحلال هذا الاتحاد، ان القول بوجود اتحاد شخصي بين دولتين او اكثر ليس معناه تكوين دولة جديدة انما تبقى هذه الدول محتفظة بشخصيتها الداخلية والخارجية ولها قوانينها الخاصة ودستورها الخاص، اي لا يوجد دستور على مستوى الاتحاد واخر على مستوى الدولة، ويبقى المواطنون محتفظين بجنسيتهم لان الدولة بدخولها للاتحاد لا تفقد شخصيتها الداخلية.

اما بالنسبة لرئيس الاتحاد فيمارس اعماله حسب قانون كل دولة، اي ليس له دور على مستوى الاتحاد ككل.

مع ملاحظة ان هذا الاتحاد في الغالب يحصل بين دول توجد بينها روابط لكنها ضعيفة جداً، مثال ذلك، الاتحاد الذي حصل بين انكلترا وهانوفر 1714-1837، ففي عام 1714 اعتلى الملك جورج لويس عرش هانوفر وال اليه عرش انكلترا فاصبح ملكأ على الدولتين واتحدت الدولتين نتيجة لذلك، لكن بوفاته وتولي المكلة فكتوريا العرش انتهى هذا الاتحاد لان مملكة هانوفر لا تسمح للاناث بتولي العرش، فحصل خلاف ادى الى انحلال الاتحاد.

اما في الوقت الحالي فلا توجد امثلة على هذا النوع من الاتحادات.

2- الاتحاد الحقيقي: هذا النوع كذلك يقوم على اتحاد دولتين او اكثر مع بعضهم البعض، تحت حكم رئيس واحد، مع ملاحظ ان هذا النوع من الاتحادات يؤدي الى تكوين شخصية دولية جديدة اي بمعنى يصبح تمثيل هذه الدول واحد في المجال الخارجي اي من ناحية عقد المعاهدات او اعلان الحرب او التمثيل الدبلوماسي، لكن تبقى كل من هذه الدول محتفظة بشخصيتها الداخلية، اي ان لكل دولة قوانينها الخاصة ودستورها الخاص،

كذلك لكل من هذه الدول عقد معاهدات خاصة مع الدول الاخرى بصورة مستقلة عن الاتحاد، اذا ما كان الغرض منها يتعلق بالشؤون الداخلية للدولة، ولا ينتهي هذا الاتحاد باختلاف شخصية رئيسه، على عكس الاتحاد الشخصي

من الامثلة على هذا النوع ما حصل بين النمسا والمجر 1867-1918، حيث انتهى هذا الاتحاد بانتهاء الحرب العالمية الاولى، اما الان فلا يوجد مثل هكذا نوع من الاتحادات.

3- الاتحاد الفدرالي: هذا النوع من انواع الاتحادات يحصل بين دولتين او مجموعة من الدول بشكل يؤدي الى نشوء دولة جديدة على المستوى الداخلي و الخارجي، بمعنى ان شخصية هذه الدول تذوب في شخصية الاتحاد ويصبح الاتحاد وحده هو الدولة الجديدة، يترتب على قيام الاتحاد الفدرالي مجموعة من النتائج، وكالاتي:

·      يحصل ازدواج في القوانين والدستور، اي بمعنى توجد قوانين على مستوى الاتحاد واخرى على مستوى الدول المكونة له، كذلك يوجد دستور على مستوى الاتحاد واخر على مستوى الدول المكونة له، بشرط الا يخالف الدستور الاتحادي.

·      ازدواجية السلطات، فتكون هناك سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية على مستوى الاتحاد واخرى على مستوى الدول المكونة له.

·      جنسية واحدة، اي بمعنى ان مواطين كل الدول المنضوية تحت الاتحاد لها جنسية الاتحاد فقط، وليس جنسية الدولة المكونة له.

·      وحدة التمثيل الدبلوماسي، لانه كما قلنا يصبح الاتحاد دولة جديدة.

·      يكون اقليم الدولة الاتحادية مكون من حدود مجموع الدول او الدويلات المنضمة له.

من الامثلة على هذا النوع من الاتحادات، هو الولايات المتحدة الاميركية، المانيا، فنزويلا، وكذلك العراق حيث بصدور دستور 2005 النافذ اعتبر العراق دولة اتحادية فدرالية.

4- الاتحاد الكونفدرالي: مثاله الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن 14 شباط 1958، حيث تعقد معاهدة بين هذه الدول يتفقون بموجبها على تحقيق اهداف مشتركة فيما بينهم، في هذا الاتحاد تبقى كل دولة محتفظة بشخصيتها الداخلية والخارجية، لكنها تكون مقيدة نوعاً ما بتحقيق اهداف هذا الاتحاد، يتم انشاء لجنة على مستوى الاتحاد تتولى مهمة تحقيق الاهداف التي من اجلها وجد هذا الاتحاد، وبالتالي فان فكرة الاتحاد الكونفدرالي هو تحقيق اهداف مشتركة تهم الدول المنضوية في هذا الاتحاد، وتوكل هذه المهمة الى لجنة يتم تأسيسها لهذا الغرض، اي تكون وظيفتها تحقيق هذه الاهداف، والامثلة الحديثة، هو الاتحاد الاوربي، حيث اجتمعت الدول الاوربية فيما بينها واتفقوا على تأسيس اتحاد اوربي فيما بينهم، وانشأوا مجموعة من المؤسسات لتحقيق اهدافهم، مثل انشاءهم للبنك المركزي الاوربي لتنظيم سعر اليورو والحفاظ على استقرار الاسعار في منطقة الاتحاد الاوربي، او محكمة العدل الاوربية، حيث تضمن تطبيق موحد للقوانين في الدول الاعضاء.

أحدث أقدم