بقلم: المحامية سماء سلمان العزاوي
الطلاق والخلع موضوع حساس في القانونين العراقي والمصري ، وذلك يرجع الى التأثير الكبير لهذا الموضوع في حياة الناس، خصوصاً النساء. قانون الأحوال الشخصية العراقي وقانون الاحوال الشخصية المصري المرقم 25 لسنه 1929 يحاولان تحكيم الطلاق والخلع بطريقة تحمي حقوق الجميع نساء ورجال ، لكن في الحقيقة يوجد فرق كبير في طريقة التعامل مع الخلع وفي مفهومه بين القانونين ، وهذا الشيء يسبب خلط عند الكثير سواء في المجتمع العراقي او المجتمع المصري. وسنحاول في هذا المقال الاجابة عن الاسئلة التالية:
ما الفرق بين مفهوم الخلع في القانون العراقي والمصري؟
كيف ينظم كل قانون الخلع؟
هل ان حقوق متساوية للزوجة في الخلع بين البلدين؟
ماهو تأثير القوانين والآراء القضائية على تطبيق الخلع؟
مفهوم الخلع في القانون العراقي والمصري
مفهوم الطلاق معروف في كلا القانونين سواء العراقي ام المصري، ولكن هناك اختلاف جوهري وواقعي في مفهوم الخلع في القانون العراقي والقانون المصري .
يعرف قانون الأحوال الشخصية في العراق رقم 188 لسنة 1959 المعدل مفهوم الخلع في المادة 46 بانه (هو إزالة قيد الزواج بلفظ الخلع او ما في معناه وينعقد بايجاب وقبول امام القاضي) وهذا يبين ان الخلع وفقا للقانون العراقي هو طلب المرأة لإنهاء الحياه الزوجيه مقابل تنازلها عن بعض الحقوق المالية او جميعها مع شرط ضروري واجباري وهو موافقة الزوج على هذه المخالعة ، وهذا يبين ان المراه لا تستطيع تطليق نفسها بالمخالعة وفق القانون العراقي وانما يشترط موافقة زوجها على هذه المخالعة لاجل تكوين الصحة.
بينما يعرف قانون الأحوال الشخصية المصري رقم 1 لسنه 2000 في المادة 20 مفهوم الخلع بأنه (حق للزوجة في أن تطلب الطلاق من زوجها إذا بغضت الحياة معه، وخشيت ألا تقيم حدود الله، على أن ترد له مقدم الصداق الذي دفعه، وتتنازل عن حقوقها المالية الشرعية) أي ان الخلع في القانون المصري يسمح للمرأة تطلب فسخ الزواج مقابل تعويض مادي تُحدده هي أو المحكمة وهذا يختلف عن القانون العراقي حيث يعطي للمرأة حق الخلع بشكل أوضح وأسهل، دون اشتراط موافقة الزوج إذا رات المحكمة مبررات كافية لذلك.
مقارنة حقوق الزوجة في الخلع بين القانون العراقي والقانون المصري
في العراق، الخلع يعتبر نوع من أنواع الطلاق وانهاء الحياه الزوجية بين الزوجين. لكن المرأة تواجه مصاعب في هذا النوع من الطلاق وذلك يرجع لسببين وهما تنازل الزوجة في مقابل المخالعة عن كل او جزء من حقوقها لاجل صحة الخلع واشتراط موافقة الزوج على الخلع لاجل اعتباره صحيح.
في مصر، للمرأة حرية أكبر في القانون حيث تستطيع ان تطلب الخلع من المحكمة مباشرة حتى لو كان الزواج رافض ولا اثر على رفضه في صحة المخالعة ولكن بشرط ان تدفع الزوجة تعويض يعادل جزء من حقوق الزوجة مثل المهر أو أكثر حسب الاتفاق أو قرار المحكمة.
آراء قضائية وتأثيرها على الخلع في العراق ومصر
بالنسبة لمحكمة الأحوال الشخصية في العراق، فتكون متشددة في قبول دعاوى الخلع المقامة من قبل الزوجة، تطبيقا للقانون، وتشترط المحكمة وفقا للقانون قبول الزوج على المخالعة ( أي ان عدم موافقة الزوج على المخالعة يعني عدم استطاعة الزوجة مخالعة نفسها من زوجها حتى وان بذلت في سبيل ذلك جميع حقوقها له وحتى ان تضررت ذمتها المالية فلا اعتبار لذلك)
اما بالنسبة لمحاكم الأحوال الشخصية في مصر فهي اكثر مرونة ومراعاة في تطبيق الخلع وذلك يرجع لقانونهم الذي يعطي حقوق للمرأه اكثر من القانون العراقي وتطبيق القانون بحزم خاصة عندما تكون أسباب الخلع واضحة امام المحكمة وهذا يعطي المرأة حماية أكبر وحرية في إنهاء العلاقة الزوجية، لان المرأة تستطيع مخالعة نفسها من زوجها حتى مع رفض الزوج ذلك ولا اثر لذلك امام المحكمة.
نقد وتحليل القوانين وتوصيات
قانون الأحوال الشخصية في العراق بحاجة لتعديل في هذه المسأله ويجب إعطاء المرأة حرية أكبر في الخلع بدون تعقيدات واشتراط موافقة الزوج حيث غالبا ما يكون متعسفا في قبول رفض بدون سبب وجيه بالاصل، بل فقط لاضرار الزوجة والتعسف بها. وللأسف دائما ما نجد مثل هذه الحالات في المحاكم مع عدم إمكاننا مساعدة المرأة وذلك بسبب القانون المضيق لحقوقها من هذه الناحية .
اما بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية المصري يعتبر أفضل في التعامل مع هذه المسألة، ولكن يجب ان يكون هنالك رقابة على تعويضات الخلع لاجل عدم اضرار ذمتها المالية.
الطريق الأفضل هو توحيد تفسير القانون وتسهيل إجراءات الخلع مع حماية حقوق الطرفين.
الخاتمة
ان موضوع الطلاق والخلاع ليس مجرد مسألة قانونية بل انه مسألة انسانية، وقصص واقعية تعود للكثير من النساء قد لا يراها المجتمع بنظرة واضحة ولكن اغلب المحامين في المحاكم يروها بشكل يومي اثناء عملهم.
ان القانون في العراق، رغم نواياه الطيبة ومحاربته لاجل استمرار الحياة الزوجية، وتقليل حالات الطلاق، يضع حواجز امام النساء المتضررات واللاتي يحاولن انهاء علاقة مؤذية وربما مستحيلة ايضا، فيصبح الخلع لهم بمثابة حلم بعيد يحتاج موافقة الزوج وشروط صعبة. وهذا الوضع ليس قانونيا فحسب بل هو جرح يعيشونه كل يوم، شعور بالاحتجاز وسط وضع لا يرضيهم.
أن المهم هو إن نفهم إن وراء كل قضية خلع أو طلاق إنسان له قصة وألم وأمل، وقانوننا العراقي يجب يكون أداة للعدالة والرحمة، وليس حاجزايعقّد حياة الناس. وأنا أتمنى ان نستطيع المساهمة بتغيير إيجابي، ورفع صوتنا لاجل تحقيق العدالة والكرامة لكل إنسان يعاني، ونصبح مجتمعا يحترم حرية اختيارات أفراده الاجتماعية.
المصادر
• قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959.
• قانون الأحوال الشخصية المصري رقم 25 لسنة 1929.
• سارة يوسف، “حقوق المرأة في الخلع”، مجلة القانون، 2020.