مما لا شك
فيه ان الحرية من اهم الحقوق التي يتمتع بها الانسان وحرمانه منها معناه حرمانه من
الحياة، لكن القول بوجود حرية مطلقة معناه فوضى مطلقة ومن هذا المنطلق كان لابد من
الاعتراف بحرية الانسان مع فرض بعض القيود عليها في حالات يحددها القانون لضمان
امن المجتمع وسلامته بل وسلامة الانسان من نفسه، ان تقييد هذه الحرية يأتي عن اما
عن طريق المشرع من خلال سنه مجموعة من القوانين وعنئذٍ نكون امام ضبط تشريعي، او
من الممكن ان تقوم به الادارة بما تملكه من سلطة لائحية فنكون امام ضبط اداري،
في هذه المقالة سنتكلم عن الضبط الاداري وما يتصل به بايجاز غير مخل.
تعريف الضبط
الاداري وانواعه
اختلف الفقه كعادته
في التعريف الا انه يمكن تعريفه ببساطة بأنه مجموعة من الاجراءات التي تتخذها
الادارة بهدف الحفاظ على النظام في المجتمع وتلتزم الادارة في ذلك بمبدأ المشروعية
اي ان قراراتها يجب ن تكون وفقاً للقانون.
ولما عهد الى
الادارة بالحفاظ على النظام في المجتمع فانها تقوم بحماية اربعة مدلولات وهي الامن
العام والسكينة العامة والصحة العامة بالاضافة الى النظام لعام والاداب وهذا ما
يسمى بالضبط الاداري العام اي انه ينصرف الى حماية المجتمع ككل، اما
الضبط الاداري الخاص فينصرف الى حماية المجتمع من جهة معينة او من جانب واحد
فقط مثل منع الصيادين من صيد السمك للحفاظ على الثروة السمكية. ومن الجدير بالذكر
ان الضبط الاداري بنوعيه العام او الخاص قد يكون مركزي و لا مركزي وذلك بحسب طبيعة
نظام الادارة في الدولة.
وسائله
واهدافه
حتى تقوم
الادارة بالحفاظ على النظام في المجتمع لابد من مجموعة من الوسائل التي تمكنها من
ذلك، وتتمثل هذه الوسائل بالتالي:
-
اللوائح
والتعليمات الفردية
وتتمثل
بالانظمة والتعليمات التي تصدرها الادارة وهي قواعد عامة مجردة تستهدف منها الادارة الحفاظ على
النظام في المجتمع، مثل التعليمات التي تصدر من مديرية المرور والقاضية بمنع
التزويد على محركات السيارات.
اما
التعليمات الفردية فهي كلك قواعد بيد انها تتمثل بتنظيم النشاط الفردي ويتمثل بالمنع او
الحظر او الترخيص او الاخطار، مثل منع شخص معين من اداء اختبار القيادة لعدم بلوغه
السن القانونية، او ضرورة حصول الفرد على رخصة بناء لبناء بيت او عمارة.
-
استخدام القوة
وتتمثل
بالقوة الجبرية للادارة، وتستعملها الادارة في حالة صدور حكم قضائي بات، وقد تواجه
الادارة حالات عاجلة تتطلب سرعة في استعمال القوة فهنا لا تحتاج الادارة الى حكم
قضائي وتلجأ مباشرة الى القوة.
ان الادارة
باستخدامها لهذه الوسائل تستهدف تحقيق مجموعة من الاهداف، وهي كالتالي:
-
الصحة العامة
وتتمثل
بالحفاظ على سلامة المواطنين وصحتهم، وتتمثل بتنظيم حملات اللقاح ضد الامراض،
مراقبة الاغذية، وفرض قيود على المحلات والمطاعم[1]،
وكذلك قيام وزارة التربية والتعليم بتأجيل بدء العام الدراسي الجديد بسبب تفشي
جائحة كورونا عام 2020
-
الامن العام
ويقصد به ان
يكون المواطن مطمئن على نفسه وعائلته وماله وكل ما يهدده من اخطار، ويتمثل بمنع
الجرائم درء الفتن والاضطرابات، او حماية المواطن من الاخطار المادية مثل تهديم
منزل ايل للسقوط، او حمايته من اخطار الطبيعة مثل توفير الملاجئ في حالة حصول
فيضانات.
-
السكينة العامة
وتتمثل
بالحفاظ على الهدوء في المجتمع حتى لا يتعرض المواطنون للمضايقات في اوقات سكونهم،
مثل منع البائعة المتجولين من التجول في المناطق السكنية وبيع بضاعتهم، ومنع
السيارات او الدراجات المزود على محركاتها من السير في المناطق السكينة بسبب صوتها
العالي.
-
النظام العام والاداب العامة
وتتمثل بمنع
كل ما من شأنه ان يخل بالنظام العام للمجتمع اي مصالحه العليا ومنع ما يخل بالاداب
العامة اي الاخلاق والعادات والقيم العليا التي جُبل عليها الافراد في المجتمع،
مثل منع فلم مخل بالحياء من العرض في صالات السينما.
تمييز الضبط
الاداري عما يشتبه به من مصطلحات
1- تمييزه عن
الضبط التشريعي
يتميز الضبط
الاداري عن التشريعي في امرين الاول اختلاف شكلي يتمثل بجهة الضبط، فالضبط
الاداري تمارسه الادارة سواء كانت مركزية ام لامركزية، بينما الضبط التشريعي
يمارسه البرلمان، والامر الثاني هو موضوعي يتمثل بطبيعة ما يصدروه،
فالادارة تصدر لوائح تنظيمية وفردية ولها قوة جبرية في فرض النظام العام بينما
البرلمان يصدر تشريعات تنظم ممارسة الحقوق والحريات وفقاً لاختصصاه الدستوري.
2- تمييزه عن
الضبط القضائي
التمييز
بينهم من حيث الجهة، فالضبط الاداري كما قلنا تمارسه الادارة بينما القضائي
يمارسه القضاء، من حيث الهدف، يهدف القضائي الى التحقيق في الجرائم بعد
وقوعها ومعرفة مرتكبيها والقبض عليهم وصولاً الى انزال العقوبة بينما الاداري يهدف
الى توجيه سلوك الافراد للحفاظ على النظام العام، مع ملاحظة ان الضبط الاداري
يتميز بطابعه الوقائي اي انه يقع قبل حصول الفعل على عكس القضائي الذي يحصل بعد
وقوع الفعل.
القيود الضبطية ونطاق
اتساعها
ان الادارة
عد ممارستها لعملها في الضبط فانها تخضع لمبدأين، الاول مبدأ المشروعية وهو
خضوع الحكام والمحكومين الى القانون وضرورة ان يكون كل اجراء تتخذه الادارة وفقاً
للقانون لا مخالفاً له والمبدأ الثاني رقابة القضاء على اعمال الادارة اي امكانية
الطعن بقرارات الادارة ان كانت مجحفة او ان الادارة خرجت عن اهدافها او وسائلها او
غاياتها امام القضاء.
[1] مبادئ واحكام القانون الاداري، علي محمد بدير
ومهدي ياسين السلامي وعصام عبدالوهاب البرزنجي، العاتك لصناعة الكتب، توزيع
المكتبة القانونية في بغداد، صفحة 217-218.