المسؤولية الجزائية لمزودي خدمة الانترنت عن جريمة التنمر الالكتروني

بقلم: سحر فؤاد مجيد

:الملخص
يُعد التنمر ظاهرة اجتماعية قديمة موجودة في جميع المجتمعات سواء أكان المجتمع صناعيًا أم ناميًا، كما يُعد من المفاهيم الحديثة نسبيًا، وربما يرجع لحداثة الاعتراف به كنوع من أنواع العنف فضلا عن ندرة الدراسات التي تناولته وعدم وجود معيار محدد لتحديد السلوك الذي يعد تنمرًا أم عابرًا. لقد بدأ الاهتمام بدراسة التنمر في سبعينات القرن الماضي وأصبح موضوعًا يحظى باهتمام العديد في مختلف البلدان، وفي عصرنا الحالي تطورت الظاهرة الإجرامية تطورًا ملحوظًا سواء في أسلوب ارتكابها أو مرتكبيها وكل ذلك يرجع إلى التقدم السريع في ثورة المعلومات والاتصالات، فظهرت الجرائم الإلكترونية ومنها جريمة التنمر الإلكتروني، وفي نطاق الجريمة الإلكترونية، اختلف الفقه والقضاء في تحديد مسؤولية مزود خدمة الإنترنت وفقاً لطبيعة عمله المتمثل بمدى الرقابة التي يقوم بها على المحتويات غير المشروعة التي تتم عبر الخدمة التي يقدمها في الجرائم الالكترونية ومنها جريمة التنمر الالكتروني.

 

Summary:

Bullying is considered an ancient social phenomenon that has existed in all societies for a long time, whether the society was industrialized or developing.

Recently, bullying was recognized as a form of violence. Additionally, the interest in studying bullying began in the seventies of the last century and became a topic of interest in many countries around the world. nowadays, the criminal phenomenon has developed remarkably, both in the way it is committed or its perpetrators, and all this is due to the rapid progress In the information and communication revolution, cybercrimes appeared, including the cyber-bullying crime In addition, Jurisprudence and the judiciary have differed in determining responsibility of the internet service provider according to the nature of its work, which is the extent of control it performs on the illegal content that is carried out through the service it provides in cybercrime, including the cyberbullying crime. 

مقدمة

تعد جريمة التنمر الإلكتروني جريمة مستحدثة رافقت التطورات الهائلة لتقنية نظم المعلومات والاتصالات والتي تعني أي إيذاء متعمد مكرر سواء كان جسديًا- نفسيًا- جنسيًا، يحدث بالقول، الفعل، الإشارة أو العلامات من طرف المتنمر قاصدًا بها إيجاد جو نفسي لدى الضحية يتسم بالتهديد والقلق، ويستخدم الوسائل الإلكترونية في ارتكابها، وتُعد ظاهرة التنمر من الظواهر المتنامية التي تشكل خطرا على المجتمعات وعائقًا حول دون تطبيق موجبات الحياة الكريمة للمواطنين التي كفلتها الدساتير ومنها حرية التعبير عن الرأي، فعدم وضع حدود فاصلة بين الإساءة وحرية التعبير من شأنه إحداث أضرار جسيمة لكثير من الأشخاص نتيجة وقوعهم ضحية للتنمر الإلكتروني تحت مسمى حق التعبير عن الرأي، وأن تقييد حرية التعبير عن الرأي حفاظا على الأشخاص من التنمر الإلكتروني يعد مصادرة أهم حق من الحقوق التي كفلها الدستور، ووفقًا لنظرية سمو الدستور لا يُمكن تشريع أي قانون يتعارض مع الدستور، وبناءً على ما تقدم لابد من إيجاد معايير أو أسس يُستند عليها لترسيم التنمر الإلكتروني من جانب وحرية التعبير عن الرأي من جانب آخر .

تكمن أهمية الموضوع بالنظر إلى حداثة الدراسة في مصطلح التنمر الذي شاع استخدامه لأول مرة في سبعينات القرن الماضي، ونتيجة للتقدم الكبير الذي حققته تكنولوجيا المعلومات التي شهدها العالم بشكل عام، والإنترنت بشكل خاص، ظهرت مواقع إلكترونية أحدثت ثورة في مجال الاتصال بين الأشخاص لاسيما بظهور الهواتف والحواسيب الذكية، إذ أصبحت بيئة مثالية خصبة لمختلف السلوكيات في مختلف المجتمعات بصرف النظر عن كَم الثقافة والتقدم العلمي والرّقي المجتمعي لها، فأصبح الأفراد سواء أكانوا أشخاصًا طبيعية أو معنوية حتى الدول مرمى للمتنمرين فضلا عن ندرة الدراسات في هذا النطاق، وأن دراسة هذا الموضوع سوف سهم في لفت انتباه المشرع العراقي لأهميته مما يؤدي إلى سن تشريعات جديدة أو تعديل تشريعات قائمة تتعلق بالموضوع مدار البحث.

أما إشكالية البحث، بالنظر لقلة الدراسات الوطنية ولضمان عدم إفلات الجناة من نطاق المسؤولية القانونية سوف نحاول من خلال هذه الدراسة التعرض إلى موقف التشريعات الدولية والوطنية من جريمة التنمر الالكتروني والمصلحة المعتبرة من تجريمها؟، ما المقصود بمزود خدمة الإنترنت وما مدى إمكانية مساءلته عن الجريمة؟

أما المنهج الذي اتبعناه في الدراسة فقد كان المنهج الوصفي والتحليلي والمقارن إذ تناولنا التشريعات العربية والغربية ضمن نطاق البحث لبيان الاختلافات التشريعية في كيفية معالجة المشرع للجريمة. أما خطة البحث فقد قُسمت على مبحثين على النحو التالي:

المبحث الأول: ماهيّة جريمة التنمر الإلكتروني والمصلحة المعتبرة من تجريمه.

المبحث الثاني: المسؤولية الجزائية المفترضة لمزودي خدمات الإنترنت في جريمة التنمر الإلكتروني.


أحدث أقدم