العدالة المناخية في ضوء اتفاقية باريس لتغير المناخ

Abstract ملخص
یعد تغیر المناخ تحدیاً صعباً للعدالة الاجتماعیة, فالأشخاص لیسو متساوین في التأثر بتغیر المناخ سيما الفئات الأكثر ضعفاً في الدول النامیة لأنها الأقل جاهزیة لمواجهة آثار تغیر المناخ, ویستخدم مصطلح العدالة المناخیة للنظر في حقوق الإنسان والمساواة والمسؤولیة التاریخیة فیما یتعلق بتغیر المناخ, ویمكن لمفاهیم العدالة البیئیة بشكل خاص والعدالة الاجتماعیة عموماً أن تحقق العدالة المناخیة من خلال تنفیذ حقوق الإنسان, وفي إطار الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ تم اعتماد اتفاقية باريس لعام 2015 والتي تضمنت آليات تعتمد على الشفافية وتخضع للمراجعة الدولية, واعترفت بمبدأ تعويض الخسائر والاضرار للدول الأكثر عرضةً لتغير المناخ وهي أمور تهم الدول النامية أكثر من غيرها.


Introduction مقدمة

إن الحرمان من حقوق الإنسان هو أحد أهم أشكال الظلم، ويعد تغير المناخ أكبر تهديد لحقوق الانسان في العصر الحديث، كونه يقوض إعمال العديد من حقوق الانسان المعترف بها دولياً، وذلك بحسب تقرير قدمه المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الانسان (OHCHR) عام 2009، كما يتم وصف تغير المناخ بأنه "مأساة إنسانية في طور التكوين"، ذلك أن عدم اتخاذ أي إجراء من جانب المجتمع الدولي سيؤدي إلى آثار كارثية على حياة الإنسان، وعليه فإن دراسة علاقة تغير المناخ بحقوق الإنسان لها أهمية كبيرة، فهي تركز على المعاناة الإنسانية بسبب تغير المناخ من أجل التأثير على الإرادة السياسية للدول للاعتراف بهذه القضية ومعالجتها، ولقد استلهمت العدالة المناخية من مبادئ العدالة البيئية، لكنها تختلف عنها في أن تغير المناخ سيؤثر على السكان في مسافات أكبر من مصادر إنبعاث الوقود الأحفوري في حين تركز العدالة البيئية على التدهور البيئي على المستوى المحلي، وفي إطار الجهود الدولية لتحقيق العدالة المناخية فإن اتفاقية باريس لتغير المناخ لعام 2015 تقر بأهمية مبادئ العدالة المناخية في سياسة تغير المناخ، ذلك أنها تستند إلى التزامات طوعية لخفض الانبعاثات محددة وطنياً، أي أنه طلب من البلدان أن تقدم طواعية خطة مساهمة محددة وطنياً، ومن ثم ففي هذا السياق يستند اتفاق باريس إلى نهج ينطلق من قاعدة تحقيق العدالة في تحمل تكاليف واعباء تغير المناخ، كما تحث الأطراف على مراعاة حقوق الإنسان واحترامها أثناء صياغة السياسات المحلية للعمل المناخي بموجب الاتفاقية.

وتتمثل إشكالية البحث في هذا الموضوع في التساؤل الآتي: ما هو موقع العدالة المناخية في التعامل الدولي مع قضية تغير المناخ؟، والذي يتفرع منه تساؤلات عدة تتمثل أبرزها في معرفة المقصود بالعدالة المناخية، ومدى أهمية الاعتراف بحق الانسان في بيئة نظيفة صحية آمنة ومستدامة، وكيف يمكن تحقيق العدالة المناخية في إطار جهود التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ؟.

سنحاول في الصفحات القادمة الإجابة عن هذه التساؤلات وذلك من خلال تقسيم البحث إلى مطلبين، يبحث الأول في مفهوم العدالة المناخية من خلال فرعين يتناول الأول تعريف العدالة المناخية، في حين يوضح الفرع الثاني العلاقة بين تغير المناخ وحقوق الانسان، أما في المطلب الثاني فسنعالج موقف إتفاقية باريس لتغير المناخ من العدالة المناخية في فرعين، يبحث الأول في مفهوم العدالة المناخية في ضوء اتفاقية باريس، في حين يتناول الفرع الثاني سبل تحقيق العدالة المناخية.

أحدث أقدم