التحديات القانونية للخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي

بقلم: ياسر عمار العيبي

:المقدمة
      في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي يشهده العالم اليوم، أصبحت التقنيات الحديثة تلعب دورًا جوهريًا في مختلف القطاعات، وكان القطاع المصرفي من بين أكثر المجالات التي تأثرت بهذه التحولات الرقمية. فمنذ بداية القرن الحادي والعشرين، شهدت الخدمات المصرفية تحولًا جذريًا من العمليات التقليدية التي تعتمد على الإجراءات الورقية والمعاملات المباشرة إلى بيئة إلكترونية متطورة تعتمد على الأنظمة الذكية, حيث لم يعد العملاء مضطرين إلى زيارة البنوك لإتمام معاملاتهم، بل أصبح بإمكانهم إدارة حساباتهم، وتحويل الأموال، والقيام بمعاملات مالية معقدة باستخدام تطبيقات الهواتف الذكية والمنصات الإلكترونية التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي . 
        لقد أتاح الذكاء الاصطناعي للبنوك والمصارف إمكانية تطوير خدماتها بشكل غير مسبوق، حيث بات بإمكان هذه المؤسسات تحسين تجربة العملاء عبر استخدام أنظمة تحليل البيانات الضخمة، والتعلم الآلي، والتفاعل الذكي من خلال روبوتات الدردشة التي توفر استجابات فورية ودقيقة لاستفسارات العملاء. إضافةً إلى ذلك، أصبح الذكاء الاصطناعي يلعب دورًا حيويًا في إدارة المخاطر المالية، واكتشاف عمليات الاحتيال، وتحليل بيانات السوق، مما يعزز من كفاءة العمليات المصرفية ويضمن تحقيق مستويات أعلى من الأمان والدقة في المعاملات المالية. لكن ، وعلى الرغم من هذه الفوائد الكبيرة التي جلبها الذكاء الاصطناعي للقطاع المصرفي، فإنه في المقابل أثار العديد من التساؤلات والتحديات، خاصةً من الناحية القانونية. فالتحول الرقمي الذي يشهده القطاع المصرفي يفرض واقعًا جديدًا يتطلب إعادة النظر في الأطر القانونية والتنظيمية الحاكمة لهذا القطاع. ومن بين الإشكاليات القانونية البارزة التي تثيرها هذه التحولات ، هو غياب التشريعات التي تواكب هذا التطور في الخدمات المصرفية او عدم تعديل القوانين القائمة بما يتلائم مع هذه الحداثة , فضلا قضايا حماية البيانات الشخصية، والمسؤولية القانونية عن الأخطاء التي قد تنتج عن قرارات الذكاء الاصطناعي، ومدى توافق هذه التقنيات مع القوانين المصرفية والمالية القائمة. فمع تزايد استخدام الأنظمة الذكية في تحليل السلوكيات المالية واتخاذ القرارات الائتمانية، برزت مخاوف تتعلق بالعدالة والشفافية، خاصةً فيما يتعلق بإمكانية حدوث تمييز غير مقصود ضد فئات معينة من العملاء بسبب خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي قد تعكس تحيزات ضمنية في البيانات التي تعتمد عليها ,
      وبناءً على ذلك , اعددنا هذا البحث المتواضع وقسمناهُ الى ثلاثة مباحث , تناولنا في المبحث الأول مفهوم الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي , وقسمنا هذا المبحث الى مطلبين , الأول تناولنا فيه تعريف الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي , ثم تناولنا في المطلب الثاني خصائصها, ثم انتقلنا الى المبحث الثاني استعرضنا فيه أنواع التحديات , حيث قسمناهُ الى مطلبين , الأول استعرضنا التحديات الغير قانونية , والثاني التحديات القانونية . وأخيرا , في المبحث الثالث تناولنا طرق معالجة هذه التحديات , وينقسم هذا المبحث الى مطلبين أيضا , الأول طرق معالجة التحديات الغير قانونية , الثاني طرق معالجة التحديات القانونية .
فرضية البحث:
  تتلخص فرضية البحث في أن اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات المصرفية يؤدي إلى ظهور تحديات قانونية وغير قانونيةجديدة لم يتم معالجتها بشكل كافٍ في الأطر التشريعية القائمة، مما يستدعي تطوير إطار تنظيمي متكامل يوازن بين تحقيق فوائد الابتكار وضمان حماية حقوق العملاء وتأمين الأنظمة ضد المخاطر السيبرانية . 
 
:أهمية البحث
    تكمن أهمية البحث على انه يساعد في فهم تأثير الذكاء الاصطناعي على الخدمات المصرفية , لان فهم هذا التأثير سوف يساعد على تحديث الأنظمة والخدمات , وكذلك يسلط الضوء علىالثغرات والتحديات القانونية والغير قانونية التي تنشأ نتيجة استخدام الذكاء الاصطناعي، مثل قضايا الخصوصية، والأمن السيبراني، والعدالة في المعاملات، وغيرها من التحديات , مما يتيح للمؤسسات المصرفية والجهات التشريعية اتخاذ الإجراءات اللازمة , ويقدم حلول قانونية وفنية لتنظيم وتطوير الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي.
 
:أشكالية البحث
على الرغم من الفوائد الكبيرة التي جلبها الذكاء الاصطناعي للقطاع المصرفي، فإنه في المقابل أثار العديد من التساؤلات والتحديات، خاصةً من الناحية القانونية ومن الناحية الغير قانونية. بناءً على ذلك تكمن أشكالية البحث في الاتي:- ماهي التحديات التي تواجه الخدمات المصرفية في ضوء الاعتماد على الذكاء الاصطناعي , وكيف يمكن معالجة هذه التحديات لضمان الامتثال القانوني , وحماية حقوق العملاء , وتعزيز الامن المالي ؟ وهل القوانين العراقية كافية لأستيعاب وتنظيم الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي , ومواجهة التحديات الناشئة عنها ؟
:منهجية البحث
تكمن منهجية البحث في اعتمادنا في هذه الدراسة على المنهج الوصفي والتحليلي حسب ما ينسجم مع طبيعة الموضوع . 
 
:أهداف البحث 
    يهدف البحث لمعرفة مدى ملائمة ومواكبة القوانين الحالية في الدولة للتطور السريع والكبير في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إضافة لمعرفة مدى استمرارية المصارف وقدرتها على القيام بعملها باستقلالية دون اللجوء لشركات متخصصة بالتكنولوجية والذكاء الاصطناعي لمساعدتها، وهل ستحل هذه الشركات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي محل المصارف يوماً ما أم سيكون لزاماً وجود شراكة وثيقة بين هذه الشركات والقطاع المصرفي.
 
:خطة البحث
   تناولنا في هذا البحث التحديات القانونية للخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي وقسمنا البحث الى ثلاثة مباحث وعلى التقسيم الآتي 
المبحث الأول : مفهوم الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي
المطلب الأول : تعريف الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي
المطلب الثاني : خصائص الخدمات المصرفية في ضوء الذكاء الاصطناعي
 
المبحث الثاني : التحديات الناشئة عن التعامل بالخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي
المطلب الأول : التحديات الغير قانونية للخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي
المطلب الثاني : التحديات القانونية للخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي
 
المبحث الثالث : طرق معالجة التحديات الناشئة عن التعامل بالخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي
المطلب الأول : طرق معالجة التحديات الغير قانونية الناشئة عن التعامل بالخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي
المطلب الثاني : طرق معالجة التحديات القانونية الناشئة عن التعامل بالخدمات المصرفية عبر الذكاء الاصطناعي 
 

أحدث أقدم